تعلق الرجل بالمرأة اللعوب..
تنفيس عن رغبات مكبوتة تلغي القيم وتخلط بين الحلال والحرام!!
ظاهرة غريبة تفشت في مجتمعاتنا العربية منذ فترة ليست بقليلة لكنها تتزايد يوماً بعد يوم لدرجة أنها أصبحت “كارثة”!؟ هل يكفينا أن ندق جرس الإنذار في كل بيت أم أننا نحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير!؟ ما الذي يردع الرجل عن ارتكاب خطايا اللهاث خلف الفتاة اللعوب بعد أن غابت القناعة والرضا عن قاموس حياته؟؟ لماذا يعبث الرجل بحياته كطفل صغير دون أن يدرك حجم الأذية التي يرتكبها بحق زوجته وبحق نفسه.
السمعة وكلام الناس صفات تُحاسب عليها المرأة فقط ، أما أغلبية الرجال فإنهم يتباهون بأي ذنب أخلاقي يرتكبونه وكأنه وسام للتفاخر به أمام الآخرين!! تساؤلات غريبة وكثيرة تفضي إلى أجوبة أكثر غرابة أجريناها في هذا التحقيق…
المرأة اللعوب تُفرح القلوب
الدكتور “سالم” أخصائي بالأمراض النسائية فسّر هذه الظاهرة “بالجملة البديهية التي يبرر بها الرجال نزواتهم دائماً” حيث قال: “يبحث الرجل في هذه العلاقة عن شيء ينقصه مع زوجته حتماً، فلو كان مكتفياً لما لفتت انتباهه أي امرأة، وأعرف الكثير من الرجال الذين يهربون من بيوتهم ليرتموا بأحضان أي امرأة حيث يجدون السعادة بهذه العلاقة التي تتحول مع الأيام إلى عادة وإدمان وربما تتطور إلى حب وزواج لكن النهاية تكون غالباً فراق وطلاق”.
أما السيد “سامر” تاجر فله مبرر آخر حيث قال: “الغيرة دفعتني إلى دخول هذا العالم المشبوه فقد رافقت أصدقائي أكثر من مرة إلى أماكن السهر، واكتشفت أن كل واحد منهم لديه “صديقة”، ودون أن أشعر رأيت نفسي متورطاً في علاقة غير شرعية مع فتاة تعمل في الملهى وجدت في هذه العلاقة شيء غريب عن المعتاد وبعيد عن المألوف. أسلوب هذا النوع من النساء في التعامل مع الرجل غريب ويبهر ويشد ويأسر”!!
من يجرب الانحراف والشذوذ عن الحياة الزوجية مرّة يستمر في ذلك مئة مرة، بهذه العبارة بدأ المحامي “أمجد” حديثه مؤكداً أن الزوجة قد تصفح عن نزوة زوجها إذا شعرت أنه نادم بالفعل وإذا كانت تحبه وتريد الحفاظ على بيتها واستقرار أسرتها لكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هل يستطيع الرجل أن ينسى هذه النزوة والخطيئة التي ارتكبها ويعود لزوجته بكل كيانه وحبه أم أنه يركض مسرعاً عند كل خلاف تافه وصغير مع زوجته إلى أحضان الحب الحرام!؟ ويتابع السيد “أمجد” قائلاً: “الرجل مخلوق أغرب بكثير من المرأة ولا يعرف ماذا يريد بل يترك الحياة تأخذه أينما تريد. في عصرنا هذا المرأة هي التي تختار الرجل وتجره إلى الخطيئة وهو ليس أكثر من أداة للتنفيذ”!
الزواج واجب.. والحب يبيح لنا ما نشاء!!
السيدة “د. ج” تقول عن رأيها في هذا الموضوع:” يجد الرجل متعة أكبر مع المرأة اللعوب حتى لو كان متزوجاً فهو يشبع غرائزه ورغباته الجنسية بطريقة يخجل أن يقوم بها مع زوجته. المرأة اللعوب تبادر بحركات غريبة من تلقاء نفسها وقبل أن يطلب منها ذلك، بالإضافة لأنه يريد أن تبقى زوجته دائماً امرأة مثالية ومربية صالحة لأبنائه وبالتالي يجب ألا تقوم بهذه التصرفات، وربما لأنه لا يريد من داخله أن تتفتح زوجته على هذه الأمور، ويفضّل أن تبقى دائماً في نظره الزوجة التقليدية”.
السيد “ف، ر” مهندس معروف بسمعته الطيبة وأخلاقه العالية، زوجته امرأة مثقفة وجميلة ومن عائلة معروفة، ورغم ذلك أقام علاقة عاطفية مع امرأة أخرى يقول:” لا أعرف كيف حدثت هذه العلاقة، التقيت بها في إحدى السهرات ورغم أنها كانت برفقة رجل لكني أعجبت بها بشدة، وشعرت بانجذاب غريب تجاهها لدرجة أنها لاحظت ذلك، ولم تتردد بأن ترمي لي برقم هاتفها من تحت الطاولة. استغربت من جرأتها، ولكني لم أتردد بالاتصال بها، ورغم معرفتي بأن سمعتها سيئة تعلقت بها ونشأت بيننا علاقة عميقة كانت تتطور يوماً بعد يوم إلى أن وجدت نفسي وقد تزوجتها من شدة حبي لها، وكانت تقنعني طوال الوقت أنني الرجل الوحيد في حياتها وأنها قطعت كل علاقاتها السابقة مع غيري، ولأنني أحببتها صدقتها وأخفيت الأمر عن “أم أولادي” تلافياً للمشاكل إلا أن زوجتي علمت بزواجي الثاني ولم تتقبل الموضوع أبداً، وبعد إصرارها الشديد على الطلاق انفصلنا، لكني اكتشفت بعد ذلك بأني ارتكبت أكبر خطأ في حياتي فقد عادت زوجتي الثانية إلى ماضيها، وصارت تخرج كثيراً من المنزل دون أن أعلم، وبالنهاية اكتشفت أنها تخونني، وهنا شعرت بالذنب الكبير، وبأنني تسرّعت بالزواج من امرأة كان همها الوحيد هو المال والتسلية، وصارت عندي قناعة أن هذا النوع من النساء من المستحيل أن يعرف معنى الحب والإخلاص والحياة الزوجية، وكما يقولون: “من شب على شيء شاب عليه”. خسرت زوجتي وأبنائي وسمعتي والسبب امرأة لعوب دمرت حياتي”.
سلطان الحب على عقل الرجل!
تزوجها بعد علاقة حب لكن عائلته وأصدقاؤه كانوا دائماً يلفتون نظره إلى أن تصرفات زوجته ليست طبيعية، وبدوره كان يدافع عنها دائماً ولا يسمح لأحد بأن يتكلم عنها بطريقة سيئة، ومع مرور الأيام والسنوات أصبح يتلقى أخباراً كثيرة من أشخاص مجهولين بأن زوجته تخونه، وعندما كان يسأل زوجته كانت تبكي بشدة وتتهمه بأنه لا يثق بها، فيتراجع عن اتهامه مباشرة ويضعف أمام دموعها الغالية جداً على قلبه، حتى جاء اليوم الذي استيقظ فيه من غفوته حيث أرسل إليه أحد الأشخاص الصور التي تثبت خيانة زوجته له، وفي تلك اللحظة انهار الزوج العاشق والمخدوع وأسرع إلى والدته يشكي لها همه، وبسرعة البرق أخبرت الأم كل أفراد العائلة بهذه الفضيحة وطالبه الجميع بأن يطلقها، وفي زحمة المشاعر المتقلبة التي عاشها الزوج نفّذ قرار الطلاق مباشرة انتقاماً لكرامته المجروحة، وعاش في أزمة نفسية لا توصف من العذاب والصدمة التي لم يستفق منها إلا بعد عدة أشهر، لكن المفاجأة الأكبر أنه شعر بحنين كبير لزوجته، وندم لأنه طلقها لدرجة أنه صار يبكي كالأطفال أمام أصدقائه وأهله ويطلب منهم أن يعيدوا زوجته التي يحبها إلى أحضانه. أما الزوجة فلا يعنيها هذا الأمر أبداً وتعيش حياة التسلية واللهو مع أي رجل تلتقيه!
الآنسة “ناديا” موظفة تقول من خلال التجارب التي تراها أو تسمع عنها: “الرجل يهوى المغامرة سواء أكان سعيداً في حياته الزوجية أم غير سعيد، وسواء أكان متزوجاً أو عازباً، حتى لو كانت زوجته أجمل نساء العالم وأكثرهن ثقافة وعلماً، لأن الرجل طمّاع بطبعه ويحب إثبات رجولته أمام رفاقه وبأنه محبوب ومرغوب من كل النساء، بالإضافة لأنه إنسان ملول ويهوى التغيير في حياته. المشكلة هي في تركيبة الرجل الذي ليس أمان وليس في المرأة، لأنها مهما فعلت لتسعد زوجها فلن يكون راضياً وسعيداً، ويظل يشكي ويتذمر ليبرر لنفسه أي نزوة، والكثير من الرجال يختلقون العيوب في زوجاتهم ويفتعلون المشاكل حتى يجدون سبباً يحررهم من قيود الالتزام الزوجي، فتصبح أي امرأة في الشارع أحسن من زوجاتهم، والقليل من الرجال يكونون مخلصين لزوجاتهم وإن سمعنا عن أحدهم استغربنا”.
التربية ومخافة الله هي الأساس
أما السيدة “أم داني” فتؤكد أن التربية التي ينشأ عليها الإنسان سواء أكان رجلاً أم امرأة، وخوفه مما حرم الله، هي التي تؤثر على سلوكه عندما يكبر ويعيش حياته مع الشريك وتضيف: “من المستحيل أن ينحرف الإنسان الذي تربى في أسرة محافظة تنشئ أبناءها على الأخلاق والقيم والدين، قد يمر الإنسان بظروف سيئة في حياته لكن الأساس المتين لا ينهار بسهولة”.
رأي القانون وعلم النفس: “من يزني يُزنى به ولو بجداره”
المحامي الدكتور “محمد خير أحمد الفوال” استاذ في “جامعة دمشق”- كلية التربية اختصاص علم النفس، تشريعات الطفولة، اللغة العربية، طرائق تدريس اللغة الفرنسية، واستاذ في “جامعة السوربون الخامسة” تحدث عن رأيه في هذا الموضوع قائلاً: “لا بد من أن تكون هناك عاطفة عند الرجل تستغلها المرأة اللعوب التي ليس من الضرورة أن تكون جميلة فهي تستطيع بابتسامتها أو حركاتها أن تدخل شغاف قلب الرجل وتحرك غرائزه، فإذا كان متزوجاً يعيش حالة تناقض بين الإحجام أو الإقدام وفي لحظة ضعف نجده يتعلق بها، وقد يتجاوز كل عائق أمامه، وكم من رجل ذي منصب اجتماعي مرموق استغنى عن كل شيء أمام امرأة لعوب استطاعت أن تسيطر عليه، وتستغل ما ينقصه “نقص جنسي أو غير جنسي”!؟
ويتابع: “يجب أن لا يكون الرجل أنانياً، فكما هو بحاجة إلى شيء ينقصه ربما تكون زوجته تبحث فيه عن شيء ينقصها ولا تجده لكنها لا تزني، وبالمقابل فإن من تعطيه زوجته كل شيء ويبحث عن امرأة أخرى يكون إنساناً غير سوي لأنه تجاوز السلوك الطبيعي. والمرأة الذكية عليها أن تنوّع في حياتها بشكل دائم لتشد زوجها، وما يطلبه الرجل تطلبه الزوجة أيضاً”.
ويوضح د. “فوال” ناحية في غاية الأهمية: “الوساوس تدخل عقل الرجل فإما أن تغلبه أو يتغلب عليها، وإذا التفت الزوج إلى النهايات المؤلمة جرّاء انحراف سلوكه ربما يتراجع فقد تنتقم زوجته منه بالمثل، وربما تصّر على الطلاق أو قد تعامله بازدراء، وليس أصعب على الرجل من أن ُيعامل بازدراء من زوجته وأولاده.
أما سبب هذا الانحلال فهو الأرضية التي ينشأ عليها الإنسان، فمن تربى تربية صالحة وفي بيئة متوازنة يكون زوجاً صالحاً. الإنسان الذي لديه مبادئ لا ينحرف أبداً، ويقول الحديث النبوي الشريف: “من يزني يُزنى به ولو بجداره” أي من يرتكب إثم الزنى لا بد مع الأيام أن يقع في مثله إما من زوجته أو من بناته.
وللزوجة أقول: “كوني المرأة اللعوب مع زوجك حتى ترضيه، وإذا التفتَ بعد ذلك إلى غيرك فهو ليس جديراً بالرباط المقدس الذي يجمعكما، لكن إذا كان ما يطلبه الزوج منافياً للأخلاق ويعطي للزوجة الحق بأن تطلب الطلاق، فمن حقها عدم القيام به، لأن المعاشرة الزوجية يجب أن تكون ضمن الحدود التي شرحها الله، أما إذا خالفت ذلك فلا ذنب على الزوجة”.
أما للزوج فأقول: “عليه أن يتأقلم مع النقص إذا وجد في زوجته لا سيما إذا كان قد بنى أسرة ولديه أولاد “ومن ذا الذي ترضي سجاياه كلها، كفا المرء نبلاً أن تعدّ معايبه” أي لا يوجد إنسان كامل، ويكفي أن تكون عيوبه قليلة حتى يكون إنساناً نبيلاً.
على الزوج قبل أن يقدم على الارتباط بسرعة من امرأة من أجل مال أو جمال أو منصب أو اسم عائلتها أن يفكر ملياً في هذا الزواج، فإذا وجدها الزوجة المناسبة عليه أن يعزم ويتوكل على الله وأن يرضى ويلتزم بها، فكما تدين تُدان، لذلك من أراد أن يحافظ على زوجته وبناته عليه أن يحافظ على نفسه
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين….”
ريما الزغيّر
صبر الزوجة على مساوئ زوجها والسبب الأولاد
دفعت ثمن الصبر حياتي وشبابي
“حاولتُ كثيراً أن أتجنب المشاكل، لكنني فشلتُ، فهو يستفزني بالكلام ويضمر السوء لي ويفرح عندما يرى عيني غارقتين في الدموع”.. بهذه الكلمات بدأت “وعد” حديثها، ونساء كثيرات التقيتهن، ولو روت كل واحدة منهن قصتها لملأتُ كتاباً، كل امرأة في قلبها بحر مليء بالآلام، والحديث بداية كان مع السيدة “وعد” قائلة: “عندما قالت لي والدتي “الله يصبّرك يا ابنتي على ما بلاك فاصبري”، كنت لا أدري إن كانت تلك صيحات مثالية دفعت ثمنها حياتي وشبابي، على أمل أن تجدي هذه النصيحة في إعطاء نتائج طيبة مع الأولاد وعلى المدى البعيد، خمسة عشر عاماً وأنا صابرة ولا أعرف إلى أين سيصل بي هذا المركب”؟؟
أما السيدة “إلهام” فقد شعرت أن حياتها عبارة عن موتٍ بطيئ، تحاول أن تمرر الأيام بصعوبة، وبدأت تروي لي قصتها: ” لقد أحببت زوجي أثناء الفترة الجامعية وتزوجنا لأفاجأ بعد شهور من العسل أنه شخص آخر، رجل عنيف وعصبي ولم يكن هكذا أثناء المرحلة الجامعية، قلت ربما بسبب الأحوال الاقتصادية التي كنا نحياها، وعندما تحسنت أحواله وأنجبت طفلين على أمل أن يتغير، لكن دون فائدة، صبرت وتحملت الضرب والذل، وأصبح زوجي رجلاً ثرياً وكان أهلي يقولون لي: اصبري لقد تحملته وهو فقير والآن تريدين أن تتركيه ليتزوج بأخرى. على الأقل فكري بالأولاد ومصلحتهم، وفعلاً عملت بنصيحة أهلي مكرهة، ودفعت عمري ثمناً لذلك لكن أولادي كانوا يعاملونني بشكل جيد وعندما كبروا قدروا تلك التضحية التي قدمتها من أجلهم لقد أنسوني كل عذابات وقهر السنين وإذلال والدهم لي”.
البنت عندنا من بيت زوجها للقبر!!
أما السيدة “نور” فقد قالت: “الأمر ليس بيدي فإلى أين أذهب ولعند من؟؟ في قرارة نفسي لا أحب أن يعيش أولادي من دون أب أو أم، لكن معاملته القاسية لي أجبرتني على الذهاب لبيت أهلي عشرات المرات، وليتهم احتضنوني وقالوا لي اتركيه واجلبي أولادك فنحن بجانبك بل على العكس كانوا يسردون علي قصص وحكايات، وأخي الكبير كان يقول لي :”البنت عندنا من بيت زوجها لقبرها”، على كل كبر أبنائي، والحمد لله عوضوا لي كل هذا الظلم وقدروا تضحيتي، وأنا الآن سأسافر لإبني المقيم في الخارج، لقد أدركت أن الصبر كان قراري الصحيح فقد أنقذت أبنائي من التشرد والضياع، والآن هم ناجحون في حياتهم وهم يقدرون صبري، فقد عاشوا تلك الأحداث وعرفوا من الظالم ومن المظلوم”.
لا بد أن السيدة “نور” كانت محظوظة بأولادها الذين قدروا تضحيتها، لكن ماذا لو كانت النتائج سلبية ولم تحصد الأم ثمرة جهدها وتضحيتها!؟ وهذا ما حصل مع السيدة “عائدة” التي قالت: “لم أحصد البر والعرفان من أولادي والحظ لم يساعدني، ليتني لم أسمع أحداً، وعملت بما يمليه علي ضميري وانفصلت عن زوجي وارتحت، إنني نادمة على كل لحظة مرت من حياتي وأنا أتلقى الإهانات والذل وأجاهد من أجل أبنائي حتى لا يتأذوا نفسياً أو جسدياً، كان الجميع يقول لي: ” غداً أولادك سيعوضون ذلك، اصبري من أجلهم”، زواج فاشل وأولاد غير رحيمين بي، عشت سنواتي وأنا أكرهه وأتحمل من أجلهم، وأقول على الأقل هم تحت نظري، والآن ابني الكبير يقول لي دائماً: ” كان يجب عليك أن تنفصلي عنه منذ بداية معرفتك به، كرهت حياتي وأكره الناس، ولا أفكر أن أتزوج أبداً”. أما إبني الأوسط فقد هاجر إلى “كندا” ولا أسمع صوته إلا في المناسبات، أما الأصغر فقد جلب لي زوجة تعاملني كالضيف الثقيل في عقر داري، وهو لا يهمه سوى رضاها، حتى زوجي الذي أذاقني العذاب هجرني وتزوج فتاة أصغر من أبنائه والكبير يعيش في بيت لوحده ولا يقبل أن يشاركه أحد فيه، هذا عربون التضحية والصبر.
الناس يرجحون حالة السكوت والصبر من أجل الحفاظ على الأولاد ومستقبلهم
أحد موظفي شركة خاصة واسمه “محمود القاضي” قال لي رأيه في هذا الموضوع: ” الأفضل أن نقدم نصيحة للزوجة المظلومة، ومن البديهي أن تضحي بحياتها وشبابها من أجل اولادها”.
وهذا رأي “شهد” وهي طالبة جامعية: ” طبعاً لتصبر من أجل الأولاد، فالأولاد المحرومون من أحد الأبوين يعانون مشاكل نفسية واجتماعية وعاطفية، والتضحية دائماً تناسب عقلانية الأم والطلاق لن يكون في مصلحتها في كل الأحوال، لتحصي الأم الخسائر الناتجة عن انفصالها عن زوجها فستجد أن كفة العيش مع أولادها وفي “ظل” رجل أفضل بكثير من كونها مطلقة”.
أما “مي” وهي موظفة في إحدى مؤسسات الدولة، كان رأيها مخالف لرأي “شهد” و “محمود” حيث قالت: ” من الأفضل للأبناء العيش في كنف أم مستقرة نفسياً بدلاً من العيش تحت سقف بيت تكثر فيه الخلافات بين الأبوين خاصة مع إحساس الأم أن أطفالها هم السبب غير المباشر في شقائها وفي استمرارها مع هذا الرجل الذي تنفر منه أو يذلها ويعذبها، لقد انفصلتُ عن زوجي منذ ستة عشر عاماً وها هم أولادي يعيشون معي ولم أتزوج من أجلهم والحمد لله نعيش حياتنا بكل هدوء وسكينة ولا أريد من هذه الدنيا سوى أن أجد أبنائي في أحسن حال، أليس أفضل من أن يعيشوا مع أب لا يحترم الحياة الأسرية وليس لديه أية ضوابط !؟ والقرآن الكريم يطلب منه إما أن يعاملني بمعروف أو يسرحني بإحسان وهذا ما أردته”.
د. يوسف لطيفة: حالات الرعب والقلق تنعكس على جسد المرأة
عن هذا الموضوع حدثنا الدكتور “يوسف لطيفة” أخصائي الأمراض النفسية والعصبية قائلاً:” هذه المرأة الصابرة المتفانية تعيش حالات من الرعب والخوف والقلق وبالتالي ينعكس على جسدها، فالزوجة التي تضطر للحياة في كنف زواج فاشل من أجل أولادها وتتخذ طريق التضحية ونكران الذات وإلغاء الحاجة إلى الحب والعاطفة فهي تتعرض لمشاكل نفسية مؤكدة من: قلق وحزن واكتئاب، فالاضطرابات النفسية الكثيرة وعلى المدى الطويل تسبب القلق ومن ثم اضطراب في التلاؤم الاجتماعي ثم ينعكس الأمر على جسدها وتظهر بأشكال متنوعة كآلام المعدة والبنكرياس والقولون العصبي والصداع الدائم والشقيقة، أما الأولاد ونتيجة الخلل في التربية فهم يعيشون حالة دائمة من الرعب والقلق والترقب، وينعكس ذلك سلباً على دراستهم ومستقبلهم، وخاصة إذا كان الأب عصبي ويضرب أولاده أيضاً، وفي المستقبل سينشأ الأبناء بشخصية ضعيفة غير واثقين من أنفسهم ويفقدون احترامهم للأب والأم.بالإضافة إلى تمردهم على الواقع وعدم التوازن، ويمكن أن يصبح عندهم جنوح نحو التدخين أو تعاطي المخدرات ولا يقبلون أي نصيحة”.
الأم التي ضحت من أجل أولادها ومضى بها العمر عليها التأقلم مع هذا الواقع المؤلم، كما يمكن أن تنشئ أبناءها تنشئة صالحة وتستعين بأهلها أو أصدقائها المقربين لمواجهة تلك الصعوبات، كذلك من المفيد أن تبحث عن هوايات قديمة تنميها أو طموح أكاديمي للانشغال به والتنفيس عن غيظها، وبنفس الوقت فهذه أشياء إيجابية ولمصلحتها ومصلحة أبناءها أفضل من التفكير والحزن والكآبة”.
د. محمد حبش: النبي محمد “ص” وعد المرأة بأجر كبير من الله إن صبرت:
لنرى رأي الشريعة الإسلامية ورأي الأستاذ الدكتور “محمد حبش” العضو البارز في مجلس الشعب والمدير العام لمركز الدراسات الإسلامية: “من الناحية الشرعية إن المرأة مأمورة بالحفاظ على دارها واستقرار الأسرة، ولا شك أن الرجل قد تعرض من المصائب والكوارث لما يسوء فيه خلقه وسوء طباعه، والمرأة في هذه الحالة مأجورة إن صبرت على غضب الزوج لأنها تضحي من أجل استمرار الأسرة، ولكن هذا الموقف النبيل ليس ملزماً لها في الشرع وبإمكانها أن تطلب الطلاق ولكن عليها أن تثبت سوء معاملته لها “في حالة الضرب وتعاطي المخدرات والخمر”، ونحن في موقع الإرشاد الديني لا نشجع المرأة على الطلاق لأنه أبغض الحلال عند الله وله تداعيات اجتماعية وسلبية لكن نأمر المرأة كما نأمر الرجل بالصبر على بناء الأسرة، ولا شك أن النبي محمد “ص” وعد المرأة بأجر كبير من الله إذا صبرت من أجل استقرار أولادها، أما الشريعة الإسلامية فقد أعطت المرأة الحق في اللجوء إلى الطلاق إن أرادت، كما من حقها أن تصبر من أجل أبناءها”.