رومان شرنيافسكي الجاسوس المزدوج.. لعب دوراً هاماً في هزيمة هتلر
وجد الحلفاء في مجموعات المقاومة في “فرنسا” جواسيساً مخلصين أمثال الضابط السابق البولندي “رومان شرنيافسكي” الذي يعد أحد أبطال عملية “ثبات” التي وضعت نهاية للحرب العالمية الثانية.
وقع أسيراً بقبضة الألمان:
كان “شرنيافسكي” ضابطاً طياراً بالجيش البولندي ثم انتقل إلى القيادة العامة، وقد سافر في بعثة تدريبية إلى فرنسا قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية، واشترك في الحرب مع “فرنسا”، ثم وقع أسيراً في يد “الألمان” بمنطقة الألزاس، وسرعان ما هرب من قبضتهم وبقي في “فرنسا” بإسم مستعار وذلك لتزويد “الإنكليز” بمعلومات عن الترتيبات “الألمانية” التي كانت في مناطق “فرنسا” المحتلة، وقد بدأ بتكوين شبكة تتألف من متطوعين فرنسيين ومعظمهم كانوا من الطيارين وعمال السكك الحديدية أطلق عليها اسم “داخل التحالف”، وبدأ في إرسال كميات هائلة من المعلومات إلى “لندن” عن طريق الراديو.
مضى كل شيء على نحو جيد لعدة شهور، وقد أصبح عدد أفراد الشبكة 160 شخصاً موزعين في كل أنحاء “فرنسا”.
لكن الرياح بدأت تجري بما لا تشتهي السفن، ففي عام 1941 وقعت الكارثة إذ هاجم رجال “الجستابو” شقته في “باريس” وألقوا القبض عليه، وبعد أيام اعتقلوا 64 فرداً من الشبكة، أما الباقون فقد لاذوا بالفرار والسبب هو: امرأة كان يثق بها ويعتبرها صديقته قد وشت عنه، واعترفت بشبكة “رومان شرنيافسكي” وسرعان ما حبسه الألمان في سجن “فرزن” العتيد في “باريس”.
بعد فترة حاول الألمان إقناع “رومان شرنيافسكي” بالعمل معهم، وقد فكر في قرارة نفسه أن يزودهم بمعلومات خاطئة ليحوّل انتصارهم إلى هزيمة أي أنه أصبح عميلاً مزدوجاً وتحت أمرة الكولونيل “ريل”
كتب “ريل” تقريراً مفصلاً إلى الأميرال “كاناريس” رئيس وكالة مكافحة الجاسوسية في “برلين”، وقد تلقى الموافقة على وضع “شرنيافسكي” كجاسوس لألمانيا، ووضعوا له مخططاً للهرب من السجن حتى لا يثيروا شكوك “الإنكليز”، وتم الهروب.
بدأ “شرنيافسكي” في إرسال المعلومات إلى “الألمان”، واتخذ المركز في ضواحي “لندن”، وأرسلها إلى “ريل” في “باريس” مركز إقامة الكولونيل.
عظمت قيمته عند “الألمان” وأدرك “الإنكليز” ذلك جيداً حتى جاء يوم وأتيحت له ضربة حظ رائعة، وكان ذلك عام 1943 بسبب مخطط يتطلب إقناع “الألمان” بوجود جيش جرار من مليون جندي يتجمع شرق “إنكلترا” في مواجهة مدينة “كاليه” الفرنسية. لم يكن “الألمان” أغبياء لكن الغريب في الأمر أنهم وقعوا في الفخ، كان “الألمان” ينصتون لذلك النشاط الهائل الذي يجري على الشاطئ المقابل من بحر “المانش” في مواجهة مدينة “كاليه”، وكل هذا عبارة عن خداع وتمثيليات لزيادة ثقة “الألمان” به.
خسروا الحرب بسبب خدعة “نورمان”:
وكان الخداع كاملاً متكاملاً من حيث “هياكل الدبابات الوهمية والطائرات والسيارات والمدافع المصنوعة من الكاوتشوك”.
في اليوم السادس من حزيران 1944 يوم النزول إلى الشاطئ الفرنسي في “نورماندي”، حيث استمر “الألمان” في متابعة تصديقهم لـ “نورمان”، وبدأوا بالتحرك نحو موقع قريب من “نورماندي” والتمركز فيه بانتظار نزول قوات الحلفاء في “كاليه”.
نجح الحلفاء في النزول إلى شاطئ “نورماندي” تمهيداً لاجتياح مناطق النازية في كل “أوربا”، وقد كُشف عن سلاح سري وهو مرفآن كاملان مصنوعان قبل الغزو وأقيما أمام الساحل، وهنا أفرغت أنواع شتى من المعدات والأسلحة التي ردت الهجوم الألماني في مفاجأة صاعقة.
أدرك “الألمان” ما يواجهون وعرفوا شدة الخطر الذي تتعرض له خطة دفاعهم من قبل الحلفاء، فبدؤوا يغيرون على هذين المرفأين بالطائرات إغارات جنونية.
لكن الهجوم الألماني جاء متأخراً لأن الدفاع الجوي عن المرفأين كان شديداً، وأهم من هذا كله أن طائرات الحلفاء المقاتلة ظلت تحميها كأنها مظلة تظللها. وهكذا نجحت الخطة العبقرية التي اخترعها الجاسوس “رومان شرنيافسكي”، وانتصر الحلفاء، وانتحر “هتلر” مهزوماً منكسراً، وأطلق الحلفاء سراح المعتقلين الأربعة والستين في سجن “برزن” بفرنسا بعدما دخلوها وقد هرب “الألمان” منها.