نيلسون مانديلا.. رمز الحرية في القارة السمراء
ماديبا.. الرجل الأرفع شأناً وسليل الحرية..
المعروف عن الزعيم “نيلسون مانديلا” صلابته ومقاومته، وكلما اصفرت أوراق نضاله، عادت واخضوضرت من جديد، فهو ينتفض فارساً مقداماً، يجتذ الأمل من جذور الأرض في محاولة لترقب الشمس لتشرق من جديد على بلاده..
قبيلة في جنوب إفريقيا أسمته “ماديبا” يعني الرجل العظيم المبجل، والأرفع شأناً، واسمه الحقيقي هو “روليهلالا نيلسون مانديلا”، ولد في منطقة “ترانسكاي” في إفريقيا الجنوبية عام 1918 توفي والده وهو صغير، وانتخب بدل والده لقيادة المجلس الإفريقي القومي وكان أبرز الشبان المناضلين والمقاومين لسياسة التمييز العنصري، بدأ الإعداد لنيل البكالوريوس من جامعة “فورت هار” لكنه فصل منها بسبب نضاله ضد العنصرية، تنقل بين العديد من الجامعات وتابع دراسته بالمراسلة مع جامعة “جوها نسبورغ” وحصل على البكالوريوس ثم التحق بجامعة “ويتواتر ساند” لنيل إجازة الحقوق، تزوج “مانديلا” ثلاث مرات وأنجب ستة أطفال ولديه عشرون حفيداً.
انتهاكات وحرمان من أجنحة الحرية..
لم يكن يحق للسود الانتخاب أو المشاركة في الحياة السياسية، وكانوا يعيشون تحت مظلة أقلية بيض قد جردوهم من أملاكهم وحقوقهم، ومنعوا عنهم حتى التنقل من مدينة إلى أخرى، ومن حق العيش بكرامة، ومن هنا ظهر الزعيم “مانديلا” قائداً للمعارضين لسياسة الحكم في جنوب إفريقيا مدافعاً عن حقوق الأغلبية المسحوقة تحت الأقدام، والمحرومة من حرية التعبير وحتى من الهواء وقد أدخلت عليهم تشريعات عنصرية في مؤسسسات الدولة. كانت تلك الاحتجاجات سلمية ذهبت في مهب الريح، لكن في عام 1960 قرر “مانديلا” والمعارضين وزعماء المجلس الإفريقي القومي فتح باب المقاومة المسلحة وقد أصبح رئيساً للجناح العسكري في المجلس الإفريقي، وفي عام 1962 اعتقل “مانديلا” وحكم عليه بخمس سنوات سجن بتهمة السفر الغير قانوني والتدبير للإضراب الشعبي. في عام 1964 حكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة الخيانة العظمى والتخطيط لمقاومة مسلحة “محاولة قلب نظام الحكم الأبيض بقوة السلاح”، نفي إلى خارج البلاد وسجن في جزيرة “روبين” لمدة 27 عاماً، ومن السجن أرسل رسالة إلى المجلس الإفريقي القومي قائلاً: اتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي ومطرقة المقاومة المسلحة سنسحق الفصل العنصري.
عرض على “مانديلا” صفقة غير رابحة وغير مرضية بأن يعلن وقف المقاومة مقابل إطلاق سراحه، لكنه رفض الاستسلام والعرض والطلب وبقي في السجن، حتى أثمر سعي المجلس الإفريقي القومي وضغوطات دولية على إطلاق سراح “مانديلا” عام 1990 في 11 شباط بأمر من رئيس الجمهورية “فريدريك ويليام دي كليرك”.
في عام 1994 أصبح “مانديلا” أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا حتى عام 2000 وفي أثناء حكمه شهدت بلاده تغييراً جذرياً.
كان يقف دائماً إلى جانب الشعب الفلسطيني
مازالت الشجرة مثمرة تقذف ثمارها لكل شعوب العالم فبعد أن استقال “مانديلا” من منصبه، تابع نشاطه مع الحركات المناوئة لحقوق الانسان حول العالم، وقد تلقى عدداً كبيراً من التكريمات والميداليات من رؤساء وزعماء العالم، وكان له آراء مثيرة للغرب ولأمريكا وذلك لوقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني والدفاع عنه وعن حقه ببلاده مما أشعل نار الحقد والكراهية من الغرب، بالإضافة أيضاً إلى انتقاده الدائم لسياسة الرئيس الأمريكي السابق “جورج بوش” لانحيازه الدائم لإسرائيل.
في عام 2005 اختارته الأمم المتحدة سفيراً للنوايا الحسنة، بعد أن هجر العمل السياسي وتفرّغ لعائلته، ذلك لتأخر صحته وعدم استطاعته التنقل والتحرك.
تكريم على مستوى الزعماء
كرم “مانديلا” من أغلب الدول العالمية والعربية وحصل على “مئة” جائزة دولية، أهمها جائزة “نوبل للسلام” وجائزة “منظمة العفو الدولية” عام 2006 وجائزة “غاندي للسلام” سنة 2001.
صداقته مع سجّانيه
كان “مانديلا” يشير دائماً إلى أهمية العلاقة التي تربطه مع حارس سجنه “خريستو براند”، حيث قال عنه: إن تلك الصداقة عززت مفاهيمي للإنسانية، حتى مع أولئك الذين أبقوا علي خلف القضبان، وكان سجانه “براند” يحترمه ويحبه، ففي يوم إطلاق سراح “مانديلا” وصف “براند” ذلك اليوم قائلاً: “تمنيت ألا يحدث أي عنف وبالفعل لم يحدث، أنا عليم بأسلوب “مانديلا” في التفاوض، فهو يفكر دائماً بالجانب الآخر، لم يحصر اهتمامه بالسود ومعاناتهم، بل كانت مخاوف البيض في هذه البلاد نصب عينيه كذلك”.