هنري لاندرو… دفتر مذكراته كان بمثابة المقصلة التي قطعت عنقه
احتيال على النساء الراغبات في الزواج
“هنري لاندرو” هو أشهر سفاح في القرن التاسع عشر، ولد في باريس، تعددت أسمائه كما أحكام السجن لديه، مرة سنة ومرة سنتين وآخر مرة حكم عليه لمدة أربع سنوات. ثم اختفى بعد ذلك، بدأ حياة الاحتيال على النساء الراغبات في الزواج عام “1909” بسلب أموالهن ثم قتلهن، والحكاية بدأت عندما تلقى رئيس بلدية “غامبيه” في باريس رسالة من الآنسة “لاكوست” مفادها أن أختها السيدة “بويسون” قد اختفت هي وخطيبها “فريميه” وبعد أيام تلقى رئيس البلدية أيضاً رسالة مشابهة للرسالة السابقة، تبحث عن السيدة “كولومب بيلله” التي اختفت مع صديقها أيضاً، وعلى أثر ذلك اتفقت الأسرتان على تقديم دعوى ضد مجهول، ولدى التحقيق عن ذلك الرجل الذي يحمل “إسمين مختلفين” لكنهما بنفس المواصفات، بدأ لغز اختفاء السيدتين يأخذ منحى أكبرعند مفوض الشرطة، ودائرة الشك كانت تحوم حول شخص يدعى “فريمييه” وقد اختفى فجأة ولم يجدوا له أثراً، ومرة كانت السيدة ” أونور” وهي صديقة السيدة “بويسون” المختفية تسير في السوق، فشاهدت “فريميه” يغادر مخزناً لبيع الأواني الخزفية، فلحقت به ولكن ما لبث أن اختفى فجأة بين الزحام، ذهبت السيدة إلى مفوضية الشرطة وأدلت بمعلوماتها حول “فريميه”، وبالعودة إلى المخزن، تبين أن مجموعة الأواني الخزفية قد اشتراها المهندس “غيلله”، وعندما ذهب المفوض إلى بيت “غيلله”، قالت له خادمة المبنى أن السيد “غيلله”، متزوج وقد سافر مع زوجته إلى خارج “فرنسا”.
متهم بعدة حوادث سرقة ونصب واحتيال
عاد المفوض إلى المخفر وراجع مذكرات الشرطة الجنائية، فوجد عدة ملفات باسم “السيد هنري ديزيريه لاندرو” وبالمقارنة بين المواصفات وبين “فريمييه” تبين أنها أسماء لرجل واحد متهم بعدة حوادث سرقة ونصب واحتيال، بدأ المفوض يراقب منزل “غيلله” بانتظار عودته، عاد “غيلله” بعد أسبوع برفقة امرأة شقراء في السادسة والعشرين من عمرها، فألقوا القبض عليه وقد اعترف في دائرة الشرطة بسرقاته واحتياله لكنه نكر جرائمه في حق السيدتين ومعرفته بهن، وقد أودع في السجن بانتظار التحقيق، ذهب مفوض الشرطة مع رجاله إلى منزل “غيلله”، وبحث عن أدلة تدين الرجل وتكون بمثابة الضربة القاضية ” لغيلله” خاصة عندما استدعى السيدتين المدعيتين فقلن أنه هو الذي احتال على المرأتين وأغراهن بالزواج منه، وفي منزل “غيلله” عثر على دفتر مذكرات مكتوب فيه بقلم رصاص أسماء عشر نساء، بينهم اسم السيدة “بويسون” والسيدة “كولومب” وهما المرأتان المختفيتان وعندما بحثوا في الكراج عثروا على رسائل من نساء يطلبن الزواج من “غيلله”، وأيضاُ وجدوا ثياباً نسائية داخلية وشعراً مستعاراً وأسناناً اصطناعية!.
لمن تكون تلك البقايا؟؟
من بين صاحبات هذا الحطام تبين للشرطة أنهما للمرأتان المختفيتان، اتجه مفوض الشرطة إلى الأسماء الباقية فوجد امرأة مختفية وهي بائعة ثياب، كانت أرملة ولها ولد في السابعة عشر من عمرها، قد اختفت منذ أشهر وثمة سيدة لعوب في الثامنة والثلاثين قد اختفت مع كلابها الثلاثة بعد اعلان زواج نشرته الصحف، أثناء البحث في حديقة المبنى، استطاع رجال الشرطة العثور على جثث الكلاب الثلاثة، أما المرأة فلم يجدوا لها أثراً، وبالتحقيق تبين أن هناك نساء أخريات قد تعرفن على “غيلله” واختفين، وبدأ المحقق في التنقيب والبحث في كل شبر من المبنى والحديقة وعثر في القبو على فرن صغير فارغ إلا من الرماد ، وبدأو باستجواب الجيران الذين يعرفون “غيلله” أو “لاندرو” أحد الجيران شهد أن “لاندرو” كان يشتري كميات كبيرة من الفحم، وجار آخر قال: أن الدخان كان يتصاعد لوقت طويل من مدخنة “لاندرو”، وأكدت سيدة أنها كانت تشم رائحة لحم متفسخ!!
عاد مفوض الشرطة إلى منزل “لاندرو” وقرأ مذكراته مرة أخرى، ولفت نظره تواريخ متعددة قد اشترى “لاندرو” شفرات للمنشار تستخدم لنشر المعادن، كان واضحاً أن هذه المناشير تستخدم لتنشر جثث الضحايا وتقطعها لإدخالها في الفرن الصغير. في السابع من شهر تشرين الثاني سنة “1921” بدأت المحاكمة، وكانت أنظار النسوة مشدودة إلى “لاندرو” الذي بدا أنيقاً، وسيماً بقامته الطويلة ولحيته المسترسلة. استمرت جلسات محاكمته ثلاث وعشرون يوماً، وفي شباط “1922” حكم على لاندرو بالموت لارتكابه إحدى عشر جريمة قتل ضد خطيباته مع إبن إحداهن! اقتيد “لاندرو” إلى الساحة العامة ليكون عبرة للآخرين، وكانت المقصلة قد بترت رأس أشهر سفاح في القرن التاسع عشر.