من أساطير الزمان
يُحكى أنه في غابر الزمان وعلى ضفاف الأساطير والأزمان كان هناك ملك همام يحكم مساحة من المكان بإطار من الحكمة والعدل والإيمان.
وهناك على تلة قريبة تربع قصره الملآن بالحب والرحمة والعنفوان، فقد ضم زوجة كريمة وابناً مطيعاً قلبه طافحاً بالحنان، وخدماً وحاشية كرام عاشوا معه يبادلونه الحب والإخلاص والامتنان.
مرت الأيام وكبر الولد ليخرج راكضاً متجاوزاً كل الجدران وينطلق طالباً الحرية بين البراري والوديان، وفي إحدى جولاته المعرفية لمحَ هناك عند نبع الماء فرساً أصيلة فملكت لبّه حباً وافتتاناً، تقدم من راعيها دون جدوى باذلاً الأموال السخية في سبيل حصوله على هذه البهية.
عرف الأب الملك رغبة ولده فبذل له دونها أغلى الأثمان وتخلى عن خاتمه الذهبي الرنان، غمرت الفرحة قلب الأمير وعاش مع فرسه حكايات وأساطير وأطعمها السكر وألبسها الحرير. وكم من مرة امتطاها مفاخراً يسابق الريح معها حتى كاد يطير، وفي إحدى مغامراته جمحت به فرسه العزيزة وألقته على الأرض عاجزاً عن الوقوف والمسير.
حزن الملك وقرر الانتقام من تلك التي سبّبت لوحيده الأذى وجعلته طريح الفراش أسيراً، لكن ناقوس الخطر كان أسرع ليدق في أرجاء المملكة ينبئ بتعرضها لهجوم الجيوش الغازية.
وما بين كرّ وفرّ جرت المعارك الضارية وتساقط المئات من شباب بعمر الزهور الغاوية، وكان القدر بالمملكة رحيماً فغياب الأمير القسري عن ساح القتال حمى المملكة من الانهيار فنهض سليماً معافىً، نافضاً عنه غبار المرض منادياً على همة الشباب: “هيا إلى البناء هيا إلى العمل..”
إنه المخبأ لنا من الأقدار فلو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع.. هكذا كان وهكذا سيكون فليس المهم أن لا يكون الحدث بل كيف سيكون..”وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم”.
تهاني صقر