كشفت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” عن شلالات عملاقة من الموجات الكهرومغناطيسية تندفع من قلب الشمس باتجاه سطحها, وذلك بعرض الصور لأول مرة أمام وسائل الإعلام, ووصف العلماء هذه الصور برغم ضخامتها بأنها جزء بسيط من غضب الشمس وثورتها الهائلة والتي تحدث في قلب الشمس, وفي التقرير لمجلة “Science” قال العلماء: إن تدفق الموجات الكهرومغناطيسية من قلب الشمس إلى السطح كان عنيفاً وبكميات ضخمة جداً, وقد طلب منا العلماء أن نتخيل أنبوباً ضخماً مملوءاً بالغاز المشتعل, وسرعته تصل إلى أكثر من 50000 كيلو متر في الساعة, وقالوا إن قوة اللهب الصادر عن احتراق الغاز مع سرعته الهائلة تجعلان الصورة وكأننا أمام حمم من النار يزيد حجمها على تلك التي يمكن أن تنجم عن تفجير عشرات القنابل النووية الشبيهة بقنبلة “هيروشيما” دفعة واحدة وفي مكان واحد.
ما هي الموجات الكهرومغناطيسية:
إن الموجات الكهرومغناطيسية هي عبارة عن طاقة تزيد سرعتها وكثافتها وشدتها وفقاً لمصدرها, فالموجات الكهرومغناطيسية التي تنبعث من الشمس أكبر وأكثر بملايين المرات من تلك التي تنبعث من جهازي “Scanner X Ray” و “Emlscanner” في هذين الجهازين مصدر الطاقة ضعيف جداً, لأنهما يستخدمان في تصوير الأعضاء المريضة في جسم الإنسان, ومن ثم لا يحتاجان إلى مصدر قوي, وتختلف الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الشمس عن غيرها من الموجات الناجمة عن التيارات البحرية مثلاً “تسونامي”, ومن مميزات الموجات التي تنبعث من الشمس أنها تسير عبر الفراغ بسرعات هائلة جداً, وهذا بدوره يؤدي إلى قيام ما يسمّى العواصف الشمسية.
عواصف الشمس
إن العواصف الشمسية ناجمة عن كتل هائلة من الموجات الكهرومغناطيسية, وهذه الموجات تنجم عن انفجارات عملاقة تحدث في قلب الشمس, وهي انفجارات مستمرة منذ مليارات السنين, وينتج عن العواصف الشمسية ألسنة من اللهب يراوح طول الواحد منها ما بين 25 و 35 كيلومتراً, وأول من يتأذى من العواصف الشمسية: الأقمار الاصطناعية التي تسبح في الفضاء الخارجي ومركبات الفضاء, ففي حالة استمرار تلك الموجات من العواصف الشمسية فإن ألسنة اللهيب ستزيد بشكل كبير, وهذا يعني المزيد من التأثيرات السلبية في الأرض, والتي قد تتجاوز الأقمار الاصطناعية والمركبات الفضائية للوصول إلى التأثير في تقلبات الطقس, وزيادة نسبة حرارة الأرض, ما يزيد فرص إذابة الثلوج في أماكن مختلفة من الكرة الأرضية ومن ثم التأثير السلبي في المناخ.
اقتراب مركبة من الشمس يؤدي لإذابتها…
لكن الخطر الأكبر الذي أشارت إليه البروفيسورة “Helen Adams” من وكالة الفضاء الأوروبية هو أن تزايد العواصف الشمسية إلى درجة تصبح من خلالها قادرة على تهديد الأرض وذلك بإسقاط عدد كبير من المركبات الفضائية التي أصبحت غير مستخدمة, والتي يزيد عددها على الآلاف, لأن هذه المركبات والأقمار الصناعية غير المستخدمة أصبحت خارج نطاق تحكم محطات الفضاء الأرضية في أوروبا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية, ومن ثم يمكن أن تصبح أهدافاً سهلة لتضربها العواصف الشمسية, ما سيؤدي إلى احتراقها وسقوط أجزاء كبيرة منها على الأرض كما حدث في عام 2005 عندما سقط جزء كبير من أحد الأقمار الاصطناعية في صحراء “أستراليا”, وكان يمكن أن يؤدي إلى تدمير هائل لو أنه سقط في منطقة مأهولة.
تؤكد البروفيسورة Helen” ” أن خطر الموجات الكهرومغناطيسية والعواصف الشمسية المنبعثة من الشمس سيبقى قائماً وأن العلماء على الأرض لن يستطيعوا أن يقوموا بأي شيء لحماية الأرض, وذلك لأن الاقتراب من الشمس لدراستها ومعرفة ما يجري بداخلها هو من المستحيلات, واقتراب أي مركبة من الشمس سيؤدي إلى إذابتها وقتل من فيها قبل أن تصل إلى هدفها, حيث يقدر العلماء الحرارة داخل كل لسان من الألسنة التي تطلقها الشمس بنحو 6000 درجة مئوية.
مترجم من مجلة “Science” العلمية