شحّ المياه… جرس إنذار للمستقبل..
المياه هي العنوان الكبير الذي يفرض نفسه على كل المناقشات المتعلقة بتغير المناخ باعتبارها العنصر الرئيسي لقيام الحياة واستدامتها.
الوضع الراهن..
إن معظم الآثار السلبية التي ستمسّ حياة البشر نتيجة لتغير المناخ ترتبط بالمياه: موجات الجفاف، السيول والفيضانات، العواصف والأعاصير وذوبان الثلوج وارتفاع مستوى البحار والمحيطات. ومن المؤكد أن يؤدي تغير المناخ إلى تغيرات دراماتيكية واسعة في أنماط الزراعة وفي توفر إمدادات الغذاء، وكالعادة سيكون فقراء المزارعين وسكان المدن هم الأكثر تضرراً من شح المياه بسبب التزايد المتسارع في تواتر حدوث موجات الجفاف أو الفيضانات.
تشير توقعات منظمة “الفاو” إلى أنه بحلول العام 2025 سيعيش نحو 1,8 مليار إنسان يعانون من ندرة مطلقة في المياه، وبحلول العام 2030 يتوقع للثلج والجلد على جبال “الهيمالايا” أن ينخفضا في مستوى الذوبان بنسبة 20%.
تأثير شحّ المياه على الأمن الغذائي..
تعد إدارة المياه أمراً أساسياً لصيانة استقرار الإنتاج العالمي من الأغذية وذلك لأن الوصول المستدام إلى المياه يزيد الغلال الزراعية ويقدم إمدادات مستقرة، كما يقدم دخلاً أعلى في مناطق الريف التي تأوي ¾ السكان الجائعين في العالم، خاصة في مناطق أحواض الأنهار والبحيرات والطبقات المائية الصخرية الجوفية المتصلة بها، وسيكون الأمن الغذائي على الصعد المحلية والقطرية والعالمية عرضة للخطر، ويعدّ الجفاف أكبر سبب طبيعي لحالات الطوارئ الغذائية بسبب التغيرات التي تحدث من جرّاء تقلب تساقط الأمطار وتبخر المياه من التربة والنتح- بخار الماء الذي تطلقه النباتات- إلى تخفيض جريان المياه في عام 2050 في بعض المناطق في العالم أهمها الشرق الأوسط، وسيكون أكبر القطاعات تضرراً هو قطاع الزراعة المطرية الذي يشغل 61% من مجموع الأراضي المزروعة في آسيا، حيث سيزداد خطر فشل المحاصيل في المناطق الهامشية شبه الجافة ذات مواسم الجفاف الطويلة، وسيضطر سكان هذه المناطق التي لا يمكن كفالة استقرارها إلى الهجرة منها، وستزداد مساحة الأراضي التي ستكون غير صالحة للزراعة المطرية بسبب قسوة المناخ وشحّ المياه، الأمر الذي سيؤثر سلباً على العالم العربي.
ما العمل..! ؟
سيتعيّن على المناطق التي يتوقع أن ينخفض التساقط فيها أن تقوم بتحسين تخزين المياه وإدارتها وإنتاجيتها، كما يتعين على مشروعات الري الكبيرة أن تتكيف مع التغييرات التي ستخلّ بأنظمة تزويد المياه، وسيكون من الضروري تدعيم تدابير مراقبة المياه ذات النظام الصغير والمرتكزة على أساس الحقل.
الواقع أن هناك ستة استجابات ضرورية في مجال السياسات القادمة وهي:
1- إدخال تدابير التكيف وتخفيض الآثار في مجال إدارة المياه الزراعية ضمن خطط التنمية الوطنية.
2- تشجيع تنفيذ تدابير فنية وإدارية ترمي إلى تحسين مرونة الزراعة المطرية والمروية وتخفيض كميات فاقد المياه في نظم الإنتاج تحت الري.
3- تحسين المعرفة في مجال تغير المناخ والمياه، والإرشاد الاستهلاكي للفرد من حصوله على مياه الشرب، واقتسام الخبرات والممارسات الجيدة بين الأقطار والأقاليم.
4- تشجيع إدارة المخاطر في إطار السياسات الوطنية، وذلك من خلال تحسين منظومات الرصد ومنتجات التأمين المبتكرة.
5- حشد الأموال اللازمة للتكيف سعياً لمواجهة التحديات التي سيفرضها المناخ والذي يسبب شحّ المياه وبالتالي التأثير على الأمن الغذائي.
6- المبادرة الوطنية بتحلية مياه البحر وذلك بالطاقة الشمسية ضمن “محطات تحلية تعمل بالطاقة الشمسية”، وهو اختيار استراتيجي لتأمين مياه الشرب للسكان، بالإضافة إلى إقامة سدود أو أنابيب أو مضخات ومولدات لاستثمار المياه بشكل جيد.
المراجع: الدكتور أحمد الشربيني- “كتاب البيئة”
“كتاب تحليل النظم التطبيقية”