الجاسوسة الراقصة “ماتا هاري”
ليست إلا شيطاناً في جسد امرأة!!
ما من رجل أو امرأة في ذلك الزمن إلا ويعرف اسمها… إنها أشهر جاسوسة عرفها التاريخ… الراقصة “ماتا هاري”…”نجمة الصباح” بالأندونيسية.
خلقت لتكون ملكة
ولدت “ماتا هاري” عام “1876” من أم أندونيسية وأب هولندي واسمها الحقيقي “مارغريتا زيلا”، ماتت أمها وهي في الرابعة عشرة من عمرها وسرعان ما مات أبوها لاحقاً، عندما أصبحت “ماتا هاري” في الثامنة عشرة التقت بالكابتن “ماك ليود” فشغف كل منهما بالآخر، وبعد قصة حب عميقة تزوجها، لكن الكابتن الوسيم كان عصفوراً ينتقل من غصن إلى آخر ومن زهرة إلى أخرى. وقد هجر بيته وانطلق وراء حياة السهر والمجون ومصاحبة الفتيات، بعد زواجهما بسنة أنجبت “ماتا هاري” طفلاً مريضاً يعاني من مضاعفات مرض “الزهري” وقد مات بعد سنة، وبعدها أنجبت طفلة أسمتها “باندا”.
مرة اصطحب الكابتن زوجته الشابة إلى البلاط الهولندي، فأدهشت الحاضرين بجمالها الغريب وملامحها الشرقية، فشعرت “ماتا هاري” حينئذ أنها لم تخلق لتكون زوجة تعيش في كنف ضابط متعدد العلاقات، وإنما خلقت لتكون ملكة!!
العمل لحساب المخابرات الألمانية
عٌيّن الزوج بعد ذلك في مدينة “جافا” في الهند، وعاد لحياة السهر واللهو ولعب القمار، وكانت “ماتا هاري” تجيد الرقص الشرقي، فقد تعلمته من المعابد الهندوسية التي كانت تزورها، و كانت الحياة قد استحالت بينها وبين زوجها بسبب طموحها في الرقص، وتطور الأمر حتى انفصلا، وقد أخذ معه ابنته التي توفيت لاحقاً في عمر “21” عاماً. جن جنونها وفشلت في البحث عن ابنتها فقررت الرحيل إلى باريس عاصمة النور والجمال، وأخذت ترقص في الملاهي، ومرة فوجئت بأحد ضباط المخابرات “الألمانية” في حجرتها، وعرض عليها العمل مباشرة لحساب المخابرات “الألمانية”، وافقت وبدأت بتوطيد علاقاتها مع المسؤولين “الفرنسيين” وكبار قادة الجيش وأخذت المعلومات العسكرية تتسرب إلى “الألمان” على نحو أقلق رجال الأمن الفرنسي.
وبدأت الحرب العالمية الأولى سنة “1914”، وإذ بالراقصة الحسناء تغدو ممرضة في جيوش الحلفاء، كان الضباط يعجبون بـ “ماتا هاري” الممرضة ويفتنون بها، وكانوا لا يكتمونها سراً فتلاقيهم تحت جنح الليل، إنها المرأة التي أتقنت ترويض الرجال، تنتزع من أفواههم المعلومات العسكرية والخطط الحربية وتبعث بها إلى دائرة الجاسوسية الألمانية، وقد أدى عملها هذا إلى إحباط الكثير من خطط الحلفاء، وإلى إبادة الألوف من جنودهم، وبحكم علاقاتها الواسعة والشبهات التي تدور حولها، وضعت تحت المراقبة من قبل الأمن الفرنسي ليلاً نهاراً على أمل العثور على دليل إدانة واحدة يتيح لهم إلقاء القبض عليها ومحاكمتها.
ماتا هاري…عميلة مزدوجة
على الرغم من أنه لا يجوز اعتراض الحقائب الدبلوماسية وتفتيشها، فقد نجح رجال الأمن “الفرنسي” في التقاط خطابات بإسم “هـ -21” من إحدى الحقائب الدبلوماسية وراحوا يفحصونها بكل دقة، لقد أنكرت “مارتا هاري” وراحت تدافع عن نفسها وتؤكد ولاءها “لفرنسا” وإنها على استعداد للعمل من أجلها.
وبدلاً من إدانتها، انتهت باتفاق أن تعمل لحسابهم نظراً لعلاقاتها القوية بعدد من العسكريين والسياسيين الألمان، ووافقوا على ذلك وأرسلوها في مهمة سرية إلى “بلجيكا”، حيث التقت ببعض العملاء السريين الفرنسيين، وأعطتهم معلومات خطرة عن “الألمان”، وأصبحت “ماتا هاري” عميلة مزدوجة.
لكن اللعب على الحبلين لا يدوم طويلاً خاصة مع الألمان الذين اكتشفوا أمرها وأرادوا أن يردّوا لها الصاع صاعين، وبدؤوا في مراسلتها بشكل صريح بخطابات مستخدمين شيفرة يفهمها “الفرنسيون”، مما جعل الفرنسيون يلقون القبض عليها بتهمة التجسس لحساب “الألمان”، مع وجود دليل قاطع يدينها وهو “الخطابات”.
وليس كل مرة تسلم الجرّة، فقد وقعت بين براثن “الأمن الفرنسي” المشهود له بقوته آنذاك، وفشلت في الدفاع عن نفسها، وتمت محاكمتها في “باريس” وصدر الحكم بإعدامها بالرصاص في 15 تشرين الثاني عام 1917.
في الليلة السابقة لإعدامها، خلعت ملابسها ورقصت أمام سجينتين وراهبتين عارية تماماً، وقد قالت عنها إحدى الراهبتين: “لقد شاهدت شيطاناً يرقص ويتلوى، إن “ماتا هاري” ليست إلا شيطاناً في جسد امرأة…!”.