لفنان نضال سيجري: الدراما السورية تقدم أعمالاً لائقة ومهمة فكرياً ومهنياً وتسويقياً
إبداعاته الفنية لا تنتهي، وبحثه عن كل ما هو مختلف وجديد لا يهدأ، سرعان ما تمرّد على الأدوار الرومانسية واقتحم الحارة الشعبية في “ضيعة ضايعة”، في كل شخصية مثلها أبدع فيها، إنه الفنان نضال سيجري..
كيف جاءت بداياتك الفنية؟
أنا أؤمن بأنه هناك شيء يدفعك لمكان ما فإما أن يتقاطع معك هذا المكان ويصبح شبيهاً بك وتصبح جزءاً منه أو أنه يلفظك وتصبح بعيداً عنه، والصدفة ببساطة في مسرح المدرسة هي التي جعلتني أدخل تجربة التمثيل من باب الاستعراض ليس أكثر، لكن المسألة اتجهت بعد ذلك باتجاه الجد عندما جئت إلى “دمشق” لأقدم أوراقي للسفارة البلغارية من أجل منحة لدراسة الهندسة، وبعد خروجي من السفارة ذهبت مع صديقي للمعهد العالي لكي يقدم أوراقه فاقترح علي أن أقدم معه، لكن المفاجأة حدثت عندما تم قبولي وعدم قبول صديقي، عندها آمنت بأني يجب أن أكون في هذا المكان.
الكوميديا تحتاج لنص حقيقي وشريك شريف
هل أصبحت متخصصاً بالكوميديا مع أن النصوص الكوميدية قليلة؟
لست متخصصاً بالكوميديا وأخاف من هذا الشيء، لأن الكوميديا خطرة وتحتاج لنص حقيقي ومهم، ومخرج يستطيع أن يلتقط لحظة طريفة، وموسيقي مثل “طاهر مامللي” ينجح باختيار موسيقى خاصة بالعمل، وتحتاج أيضاً إلى شريك شريف أمامك لا يفكر بأنانية وبسباق الأحصنة.
هل وصلت لمرحلة معينة من النضج الفني بحيث أصبحت ترفض الكثير من الأدوار التي لا تعجبك؟
طبعاً تعرض علي أدوار كثيرة وأرفض مالا يعجبني، فأنا أهتم بالدرجة الأولى بـ”النص” قبل دوري، ويهمني المخرج، ثم تأتي مسألة الشركاء لأني مقتنع أنك عندما تعمل بعمل مهم فأنت ستنجح حتماً.
أنت وباسم ياخور شكلتما ثنائي ناجح هل هناك تعاون جديد بينكما باستثناء “ضيعة ضايعة”؟
بدأنا بمشروع جديد ونفكر بمشاريع أخرى أيضاً، لقد فكرنا بأنه ليس من الضروري أن نكون دائماً ملتصقين ببعضنا إذا لم يكن هناك شيء لائق وموظف بشكل صحيح ونص مختلف كي لا نقع في مطب النمطية.
هل توقعت لهذا المسلسل ما حققه من نجاح كبير؟
عندما فكرنا بالمشروع أنا و”باسم” و”الليث حجو” انتقلنا إلى أكثر من شركة إنتاج ولم يعجب المسلسل أي شركة، وكنا ندافع طوال الوقت عن هذا المشروع، لكننا بصراحة لم نتوقع له هذا النجاح وكنا نراه مسلسل فيه شيء من الطرافة والبساطة واحترام ذهن المشاهد.
الكثيرون يقولون أن نضال سيجري صاحب مدرسة فنية خاصة به، فأنت متميز ومختلف عن الآخرين، كيف استطعت بناء هذه الخصوصية؟
كل شخص له خصوصية تميزه عن غيره، لقد تعلمنا من أساتذة كبار وتعلمنا أيضاً من زملاء لنا، وسيأتي بعدنا أشخاص ربما سيكونون أهم منا بكثير، لكن من الطبيعي أن يكون كل شخص مختلف عن غيره ليس بقصد الاختلاف إنما لتقدم دائماً أحسن ما عندك وشيئاً من روحك ومن شخصيتك.
أين تجد نفسك أكثر في التراجيديا أم الكوميديا؟
لا أعرف، لم أسأل نفسي هذا السؤال ولا مرة، لكني أحب الدور الجميل، مثلت أدواراً كثيرة وأخذت جوائزاً عديدة على أدوار كوميدية وغير كوميدية وأنا أحب المجالين.
لست أهم من الناس البسطاء
هل ترى أن اختيارك لبعض القصص الشعبية يجعلك أقرب إلى الناس البسطاء؟
لست أهم من هؤلاء الناس البسطاء، وأنا أؤمن بأن مفهوم الثقافة سلوكً وليس كتاباً فعندما تمسح لي جدتي على شعري قبل أن أنام أراها بنظري أهم ثقافة لأنها جعلتني أشعر بالأمان وأنام وأنا مبتسم.
ما الفرق بين فنان وآخر من ناحية الظهور الإعلامي؟
الموضوع له علاقة بإستراتيجية أو طريقة حياة، أنا أتواجد في أماكن كثيرة أحبها مثل المقهى والسينما لكني لم أفكر مرة أن أعمل ظهور إعلامي لنفسي عن قصد لأن هذا الأمر غير ملح بالنسبة لي.
أخاف أن يصبح الفن للفن
ما طموحاتك المستقبلية ماذا يريد نضال من الفن؟
طموحاتي عامة أكثر من أن تكون خاصة، لأن الطموحات الخاصة المتعلقة بالأدوار جيدة وتحدث على أكمل وجه، لكن عندي رغبة حقيقية لأن نرفع من خلال الفن سوية التعايش وأن يكون هناك رسائل لها علاقة بالبيئة والمعوقين وأن نجد حلولاً للكثير من المشاكل وتفاصيل الحياة والانتكاسات من خلال الدراما، أرغب أن يكون الفن قريب من هذا الوجع، وأخاف أن يذهب إلى حالة يصبح فيها الفن للفن فهذا أمر خطير جداً.
هل تعتقد أن التمثيل كالغناء قد تحول إلى موضة دون موهبة؟
هذه الظاهرة موجودة في كل المجالات حتى في الصحافة، فنحن نشاهد في مهرجانات السينما أو المسرح مئات الصحفيين الذين لا نعرفهم لأنهم يظهرون فقط بموسم المهرجانات، نحن في مأزق حقيقي فيما يخص هذا الأمر.
كان لك تجربة مميزة في تقديم حلقات من برنامج أنت ونجمك كيف تقيّم هذه التجربة ولماذا لم تقدم البرنامج كله؟
أردت أن أمتحن نفسي في مكان جديد لم يخطر على بالي، ووجدت أنها تجربة تجعلني أكتشف قدرتي على الحوار، ولا أعرف إذا كان الناس أحبوا تقديمي للبرنامج أم لا، لكني عدت الآن إلى تقديمه فقد توقفت لفترة بسبب مشكلة في صوتي وسفري إلى “تونس” لحضور إحدى المهرجانات.
ماذا يشكّل لك المسرح مع أننا نفتقر في بلادنا لوجود نصوص مسرحية وما سبب هذا الفقر؟
لا يوجد فقر بالمسرح الفقر بالأشخاص الذين يعملون فيه، المسرح لازال يُعامل بمنطق الترفيه، وللأسف فإنه يأتي بالدرجة الثانية بعد التلفزيون، كما أن أجور المسرح تدعو للسخرية والحزن بنفس الوقت، وبالتالي فإن أغلب الممثلين الذين نراهم على خشبة المسرح نراهم بالتلفزيون لأنه يوجد فارق كبير بالأجور.
لماذا يلجأ المخرجون السوريون إلى النصوص العربية مثل “كليوباترا” و “أحمد شوقي” و “محمود درويش” ألا يوجد في سورية نصوص يعملون عليها؟
هي صدفة غير مقصودة، ونحن قدمنا أعمالاً عن “عدنان المالكي” و”صالح العلي” هذا الأمر هو حوار ثقافات وحضارات وشخصيات، هل نقول أن “محمود درويش” لفلسطين!؟ إنه للعالم كله، و”كليوباترا” أيضاً ليست لمصر.
إلى أين ستصل الدراما السورية؟
الدراما السورية تقدم أعمالاً لائقة ومهمة وهي في مكان مهم فكرياً ومهنياً وتسويقياً.
من هم المخرجين الذين تركوا بصمة برأيك؟
المخرج “هيثم حقي” فهو رجل مثقف وصاحب مشروع ثقافي وليس درامي فقط ، والمخرج “نجدت أنزور” الذي وضع الدراما السورية في منعطف عندما أخرج أعمالاً مثل “الجوارح” و”نهاية رجل شجاع” وغيرها، ومن جيل الشباب يوجد مخرجون كثيرون مثل “حاتم علي” و”الليث حجو” و”سيف سبيعي”.
هل لديك أعمالاً جديدة لشهر رمضان القادم؟
اعتذرت عن أعمال كوميدية عديدة مثل “صبايا” و”بقعة ضوء” وغيرها فلا أريد أن يؤثر أي دور كوميدي على مسلسل “ضيعة ضايعة”، لكني صورت دوري بالمسلسل الاجتماعي “وادي السايح”، وعندي مسلسل “كليوباترا” و”عمل للأطفال”، وفي المسرح أشارك في مسرحية “أرامل على البسكليت”، نص وإخراج الدكتور “جواد الأسدي”، وإنتاج مسرح “بابل” في بيروت، مع الممثلين “كارول عبود” و”نادين جمعة”، ومسرحية “حمام بغدادي” نص “جواد الأسدي” مع الممثل “فايز قزق”.
ماذا أعطاك الفن؟
أعطاني الوجود، الفن حالة منظمة بشكل غير معقول، وليس فوضى كما يقول البعض.
نضال سيجري الإنسان البسيط والشفاف والقريب من القلب ما سر بساطته وبعده عن التصنع؟
أجمل ما في الإنسان أن يكون كما هو ويحب نفسه لكي يحبه الآخرين، فإذا أردت أن تكون مؤثراً عليك أن تكون متأثراً.
كلمة أخيرة للمجلة…
مجلتكم معاصرة، وتحمل ذهنية تنويرية من خلال مواضيعها المميزة، أتمنى أن تبقى في هذا المستوى وألا تنزلق باتجاه السوق، فهذا مطب أغلب المجلات. أتمنى لكم التوفيق.
ريما الزغيّر