آمي ثورب باك..
أسرت الرجال بجمالها وذكائها الحاد
التجسس لصالح البريطانيين:
أصرت “آمي ثورب باك” على التدريب وأخذ دروس في ” التنشين ” وإطلاق النار على الهدف داخل السفارة “البريطانية”، ولمدة ساعة واحدة يومياً، لكن سكان الحي، تململوا وضجروا واشتكوا من الصوت القوي الذي يحدثه مسدسها فتركته وحاولت التأقلم مع عالم الاحتفالات والبروتوكولات، مع زوجها الذي كان أحد كبار الدبلوماسيين “البريطانيين” في السفارة.
كانت “آمي ثورب باك” أمريكية الجنسية، واعتبرها “البريطانيون” أنها جميلة ومتحررة جداً، وتتميز بذكاء حاد، وهذه الصفات تنطوي على التحدي الذي تتطلع إليه وهو التجسس بعدما اكتشفت مدى تأثير أنوثتها وجمالها المذهل على الرجال.
في إحدى المرات قامت “آمي ثورب” بإغواء مسؤول عسكري “بولندي” وحصلت منه على معلومات خطيرة تتعلق بخطط “بولندا” في التعامل مع “ستالين وهتلر” في حال هجومهما على “بولندا” أثناء الحرب العالمية الثانية، ثم حصلت على معلومات استخباراتية حققت الفائدة لـ “بريطانيا” بعد قيام “الألمان” باجتياح “بولندا”، ومحاولة “البولنديين” إعطاء أسرار الشيفرة “الألمانية” إلى عملاء “بريطانيين”، وكانت هذه المعلومات بمثابة الخطوة الأولى على طريق نجاح “البريطانيين” في حل رموز الشيفرة “الألمانية”.
نجوم عالميون في عمليات التجسس:
عندما عادت “آمي ثورب” مع زوجها إلى “أمريكا” شعرت بالملل والفراغ، فكثرت الخلافات بينها وبينه حتى انفصلت عنه عام 1941، وفجأة اتصل بها “ستيفنسون” وهو رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني “إم آي 6” والمسؤول عن مراقبة عمليات الاستخبارات “الألمانية” في “أمريكا”، وحاول إقناعها بأن تعاود العمل كجاسوسة، وأمل التعاون معها، وقد وافقت على مهمتها التي تكمن في جعل “الولايات المتحدة” تدخل الحرب العالمية إلى جانب “بريطانيا”، وأن “ونستون تشرشل” هو الذي أوعز إلى “ستيفنسون” بأن تقوم “آمي” بهذه المهمة وهو الذي اتخذ قراره بإرسال “ستيفنسون” إلى “الولايات المتحدة”، وهذا الأخير قد جعل من “نيويورك” مركزاً لعمليات التجسس ومقراً له، وشرع في العمل، وقام بتجنيد حوالي 2000 شخص من الهواة، ومنهم نجوم عالميون أشهرهم “غريتا غاربو” و “مارلين ديتريش”، وقام بتجنيد كبار كتاب الصحافة لكتابة مقالات تخدم سياسة “بريطانيا”، ثم أرسل “آمي ثورب” إلى “واشنطن”، لتتمكن من إغواء رئيس محطة الاستخبارات “الإيطالية” في السفارة، وقد نجحت في ذلك وحصلت منه على الشيفرة السرية للبحرية “الإيطالية” التي كانت تفوق البحرية الملكية “البريطانية” في “البحر المتوسط” من حيث العدد والمعدات الحربية.
انتهاء التهديد البحري الإيطالي لخطوط الإمدادات البريطاني:
حُلت شيفرة الرسائل السرية الإيطالية، وعُرفت تحركات الأسطول الإيطالي، وتمكن “البريطانيون” من تدمير جزء من الاسطول في معركة “ماتابان” أثناء الحرب العالمية الثانية، وانتهى بذلك التهديد البحري الإيطالي لخطوط الإمدادات البريطانية في البحر الأبيض المتوسط.
في عام “1942” كانت “آمي ثورب” في السفارة الفرنسية تنسج خيوطها وترمي بشباكها لتصطاد أحد الدبلوماسيين واسمه “تشارلز بروس”، وهو الملحق الصحفي في السفارة الفرنسية، فاستطاعت أن تجنده في غضون شهر لصالح الحلفاء، وبعدئذ بدأت المعلومات السرية تتدفق إلى العملاء.
تمكنت “آمي ثورب” مع “تشارلز بروس” من دخول السفارة الفرنسية ليلاً وتصوير الشيفرات الموجودة داخل خزنة حديدية كبيرة، وقد استغرقت العملية 6 ساعات متواصلة أنهتها بنجاح. وفي نفس اليوم طارت الصور مع رموز الشيفرة الغامضة إلى “لندن”، وكانت تلك آخر عملية تقوم بها بعدما وقعت في حب حقيقي لـ”تشارلز بروس”، الذي تزوجته في عام 1944 قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقد انتقل الاثنان إلى “فرنسا” وأقاما في أحد القصور القديمة. لم تكن “آمي” تتحدث عن مهامها التجسسية التي قامت بها لصالح الحلفاء، حفاظاً على علاقتها بزوجها “الفرنسي” وعدم فضح تعاونه معها، وقد عاشت في كنفه حياة الرغد والرفاهية في قصر تدير شؤونه بنفسها، حاولت أن تكتب مذكراتها، وبدأت في كتابتها، واعتبرتها مغامرات متواضعة في حياتها، وقد اختفت تلك المذكرات بعدما ماتت “آمي ثورب باك”، سنة 1963 إثر معاناتها الشديدة مع مرض السرطان.