الفنان فراس إبراهيم: “محمود درويش” هو المشروع الأهم في حياتي
الفنان “فراس إبراهيم” نجم لامع في عالم التمثيل بأدواره المميزة واختياره لشخصيات معقدة، والمعروف عن النجم “فراس إبراهيم” جرأته وصراحته وعفويته، بالإضافة إلى موهبته التي منحته عدة جوائز ذهبية عن مسلسلي “أسمهان” و”ليل ورجال”، في مهرجان “القاهرة” الرابع عشر للإعلام عام 2008 وأودونيا 2008 ومهرجان “تونس” 2009 وجائزة أوسكار لأفضل عمل متكامل من ART 2009 عن مسلسل “أسمهان”، وقد استقبلنا في مكتبه بابتسامته وتواضعه وكان لنا معه اللقاء التالي…
لمن يعود الفضل في شهرتك، ونجوميتك؟
سؤال مركب جداً وأنا في الحقيقة لم أسع أبداً بهذا الاتجاه، أنا أحاول دائماً أن أؤكد وجود “فراس” الممثل، المجتهد، المتطور، فإذا كان هذا السعي يصنع مني بالنتيجة نجماً فهذا أمر جيد، لكن إذا صنع مني ممثل ممتاز، وكنت أقل نجومية من الآخرين، فلا يوجد عندي مشكلة، لأن كلمة “نجم” تحديداً تخلق عندي نوعاً من الحساسية، والسبب أنها أصبحت ترتبط بأي شخص يفرقع، وليس بأي شخص ينجح، لذلك فقدت معناها!! فأي شخص يظهر بإعلان ستسير الناس خلفه بالشارع، لأنه نجم في هذه اللحظة، لكنه لن يكون نجم في يوم ثاني، لذلك أنا لا أسعى لفكرة النجومية.
لمن تدين بنجاحك؟
إلى والدي، الذي أنشأني نشأة فنية وموسيقية، قبل أن أدخل “المعهد العالي للفنون المسرحية”، وإلى أساتذتي في المعهد الذين ساهموا في تأسيسي كممثل بشكل كبير، أيضاً للاستاذ “سليم صبري”، الذي قدّمني للجمهور السوري بشكل جيد، من خلال دوري في “شجرة النارنج”، ثم أدين بمرحلة أخرى لـ “هيثم حقي” و”غسان جبري”، لأنهما حققا لي بداية شهرة حقيقية في حياتي الفنية. لقد كنت من الممثلين القلائل الذين كان نجاحهم تراكمي، وضمن مراحل، فهو لم يأتِ فجأة، بحيث أنه شكّل صدمة لأحد، وكل الناس الذين كانوا يحيطون بي منذ بداياتي وحتى الآن أعتبرهم وراء نجاحي بالتأكيد.
في بداية مشوارك الفني، هل وجدت عقبات كثيرة منعتك من تحقيق نجوميتك؟
العقبات كثيرة طبعاً ولا زالت، لكنها كانت أقل قسوة وعدائية، أما مؤخراً فصارت تتحول لشكل واضح، في لحظات كثيرة كنت أشعر أني أحارب طواحين الهواء، فهناك أشخاص عداءهم واضح، لكن لا يوجد دليل ضدهم، فهم أصدقاء يظهرون الود الكبير عندما ألقاهم، وأعداء في الخفاء. لقد كنت لفترات طويلة جداً في حالة دفاع عن النفس، دون سبب حقيقي يستوجب ذلك، وبدلاً من أن أخطو خطوات باتجاه تطوير قدراتي، كان 50% من هذا الجهد يذهب للدفاع عن النفس. لكني درّبت نفسي ألا أكون المظلوم الذي يعاني و يشعر دائماً أنه محارب، ومع الوقت نسيت هؤلاء الأشخاص واعتبرت أنهم غير موجودين، وأحياناً كنت أحاول أن أراهم إيجابيين، لكي أستمر معهم في العمل. حاولت التقاط اللحظات الإنسانية الموجودة عندهم، ونسيان الإساءة، فإن لم أفعل ذلك، سأبقى وحيداً!!
ما المسلسل الذي تشعر أنه هو الذي أطلقك إلى النجومية؟
مسلسل “خان الحرير” الجزء الأول، مع المخرج “هيثم حقي”، و”القيد” مع المخرج “غسان جبري”، ثم انتقلت لمرحلة أخرى وهي مرحلة الإنتاج والإشراف والبطولة، من خلال مسلسلات “أسير الانتقام”، “أهل المدينة”، “ليل ورجال”، “أسمهان”. ففي المسلسلين الأخيرين انتقلت عربياً لمرحلة أخرى، لدرجة أن المشككين بقدراتي وموهبتي بدؤوا في إعادة النظر بقناعاتهم. أحياناً يشعر الإنسان بالغيظ من عدم اعتراف الآخرين به، لكن هذا التغاضي يخلق داخله حافزاً كبيراً لكي يتطور، وهذا ما حدث معي، حتى وصلت لمرحلة أصبح فيها التغاضي عني جريمة.
باعتبارك ممثل في الأساس …ما الذي دفعك للإنتاج؟
في مرحلة معينة أحسست أن الدوائر تغلق أمامي وشعرت أني سأتراجع، ففكرت باستغلال الخبرة الكبيرة عندي في مجال التسويق للمحطات، وقررت إنشاء دائرة تحمي “فراس إبراهيم”، لذلك أسست الشركة وكانت البداية من مسلسل “حروف يكتبها المطر” ثم “أهل المدينة”، ولم تدعمني أي محطة أو شركة. لقد كان قراراً للدفاع عن النفس وتأمين فرص مختلفة، فمن كان سيرشح “فراس” لدور “ليل ورجال” من شركات الإنتاج، ربما كنت آخر ممثل سيتم ترشيحه لهذا الدور.
مَن من الفنانين والفنانات تحب التمثيل معهم؟
هناك ممثلين أنسجم معهم، مثل “فارس الحلو”، “عابد فهد”، “بسام كوسا”، “تيم حسن”، مؤخراً في “أسعد الوراق”، لأنه يملك كاريزما وقدرة على التواصل مع الآخرين، ومن الممثلات “لينا حوارنة”، التي تملك إحساس خاص جداً في التمثيل، ويوجد تناغم كبير بيني وبينها، وإن كانت للأسف لم تصل للنجومية واعتبرها مظلومة جداً.
وبمرحلة من المراحل كنت أنا و”مرح جبر” بحالة انسجام كبير، أيضاً “يارا صبري” و”أمل عرفة”، ومن الممثلات القديرات “منى واصف” و”نجاح حفيظ” و”نبيلة النابلسي”.
هل انتهت المشاكل مع آل “الأطرش”، بسبب مسلسل “أسمهان” ؟
نعم انتهت على المستوى القانوني والعملي، لصالح العمل وليس لصالح شخص، بمعنى أن نجاح العمل هو الذي خلق حالة من الرضا عند الناس، وكل الحروب التي حدثت كانت بسبب ما هو “متوقع” من العمل، وليس من العمل، الناس اعتقدت أن العمل سيشكل حالة استثنائية قد تضر بشخص ما، لكنهم اكتشفوا أنه بقمة الانضباط، فلم يتحدث أي مسلسل عن “جبل العرب”، بهذا الشكل من الاحترام والوطنية، لذلك تلقيت عشرات الدعوات من أهالي الجبل، ومن آل “الأطرش” لزيارتهم. على كل الأحوال أنا تجاوزت هذه المرحلة وأتجه الآن لمرحلة أخرى تماماً.
في مسلسل “أسمهان” قمت بشخصية “الأمير فؤاد” وكنت مختلفاً عن “فريد الأطرش”، هل شعرت بانسجام في هذا الاختلاف؟
أنا أعتبر أن “فؤاد” من أنضج الشخصيات التي مثلتها في حياتي، على مستوى الأداء التمثيلي، وهي شخصية مركبة جداً، تحتاج إلى الكثير من الوعي في التعاطي معها، لأنها شخصية تنقلب خلال لحظة واحدة من الحنان إلى القسوة، هذه الشخصية مادة مهمة تشكّل للممثل أكبر حافز للنجاح في العمل، وما ساعدني أنني بقيت أربع سنوات أشتغل على المسلسل، وكانت كل الشخصيات في مخيلتي، ومنذ البداية وجدت أن شخصية “فؤاد” هي أكثر شخصية يجب أن أذهب باتجاهها، رغم أن كل الناس اعتقدت أني اخترت مسلسل “أسمهان”، لكي أجسّد شخصية “فريد الأطرش”.
لقد كنت في قمة العطاء في مسلسل “أسمهان”، وبعد هذا النجاح الكبير، هل ممكن أن تقبل أدواراً ليست على مستوى ما وصلت إليه؟
سؤال مهم، لكن الأعمال الكبيرة فخ، بمعنى أن الفنان لن يستطيع تقديم هذه الأدوار إلا كل عشر سنوات مرة تقريباً، فهل من المعقول أن يجلس في بيته كل هذه الفترة، فأنا أؤسس لمسلسل “محمود درويش” منذ عام 2008 ومن المتوقع أن يعرض في 2011، لكن ليس أمامي دائماً هذه الأعمال المهمة، فبعد “ليل ورجال” و”أسمهان” توقفت سنتين عن الإنتاج، وفضّلت أن أمثل بمسلسلات من إنتاج غيري، والفنان هنا، عليه أن يخلق من الشيء المتاح شيء مهم، لأنه يكون قد وصل إلى مرحلة مهمة من النضج الفني، فيصبح مؤثراً على أدواره.
بمناسبة عيد الأم، كيف تصف لنا علاقتك مع والدتك وزوجتك وأولادك؟
علاقتي مع والدتي استثنائية ومنذ زمن طويل، فهي زرعت في داخلي منذ صغري حس المسؤولية والكفاح، كانت تتعامل معي بشكل غير عاطفي على الإطلاق، والدي رحمه الله كان عاطفي جداً، لدرجة أنه كان يشكّل عبئاً كبيراً علي، عندما يكون عندي سفر، لأنه كان متعلقاً بي لدرجة كبيرة، أما والدتي فقد كانت تلعب دور الشخصية القوية والمحفزة، وكانت تدفعني دائماً للمواجهة مع أقدار صعبة جداً ، كانت تبكي بعد سفري، لكنها أمامي لا تظهر دموعها أبداً، والدتي تمثل بالنسبة لي شيء مهم يمتد وجوده حتى إن غابت، وأنا أستمد قوتي منها، لذلك أدعو الله أن يمد في عمرها، أما زوجتي فهي طبيبة أسنان، سيدة متوازنة جداً، تحملتني كثيراً، لأن طموحي صعب، وأنا متعلق جداً بأولادي وأسرتي، لكن عندما أكون في حالة “مخاض” مع دور ما أنفصل تماماً عن المحيط وأحتاج إلى حالة من التركيز عالية جداً، وهذا يتطلب أن يكون المحيط مستوعب تماماً لطبيعة العمل.
ما هي أعمالك الفنية الأخيرة؟
أصورعمل في مصر بعنوان “اغتيال شمس”، مع المخرج “مجدي أبو عميرة”، سيعرض في رمضان القادم، من إنتاج مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر، ومسلسل “أسعد الوراق”، مع المخرجة “رشا شربتجي”، كما لدي مشاركة صغيرة مع المخرج “يوسف رزق” في “ساعة الصفر” بدور ضيف شرف، وأحضر لمسلسل “محمود درويش” وهو المشروع الأهم في حياتي كمنتج وممثل وسنبدأ تصويره نهاية 2010.
كلمة أخيرة للمجلة…
بصراحة تفاجئت بمستوى المجلة والتنوع الموجود فيها، أتوقع أنها إذا بقيت بهذا المستوى، أن تحقق درجات أولى بين المجلات العربية المنوعة، وأتمنى أن تستطيع مجلتكم التمييز بين الناس وألا تعطي الجميع نفس الحق، أحياناً تعتقد بعض المجلات أنها تحقق مستوى مبيعات، من خلال أشخاص معينين فتبرزهم على أغلفتها، لكن هذا اعتقاد خاطئ طبعاً، وأنا لم أطلب بحياتي أن أكون غلافاً لأحد المجلات، لأني أعتبر أن هذه مهمة المجلة، لكني أتمنى أن تكون المجلة تعرف أين مصلحتها.
فرح نويلاتي