رمضان الخير في سورية الخير
ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس فإننا نتطلع إلى نهوض علمائنا الأجلاء للمساهمة في تطوير فقه الصيام من فقه يستغرق في تعداد المفطرات لوجوب صحة الصيام إلى فقه يؤكد وجوب ارتفاق صوم المعدة بصوم الأذن والعين واليد واللسان. فإذا كان الصوم بمعناه اللغوي هو الامتناع عن المباح والمحلل فمعنى ذلك أن فلسفة الصوم إنما تهدف إلى تقوية إرادة الصائم في امتلاك القدرة للامتناع عن الفعل الحرام. ومن أعظم الحرام الظلم والقتل والبغي والفتنة والبهتان وسواها من المخالب التي تفتك بوحدة الوطن وأمنه وسلامه.
وفي الصوم مدرسة لتهذيب الضمير وتربية العواطف الإنسانية النبيلة وترويض مكارم الأخلاق وتصفية للنفس، وبالصوم تضعف الحيوانية في الإنسان وتتألق الإنسانية فيه، فيتغلب العقل على الشهوات ويمسك بزمامها ويسيرها وفقاً لمتطلباته الخيّرة، وهذه الحالة لا يشعر بها ويدركها على حقيقتها إلا من مارس الصوم فعلاً، إذ هي حالة تُعرف بالحس أكثر مما تُدرك بالعقل، فالطعام الكثير والرفاهية الزائدة يطلقان للشهوات الحيوانية في الإنسان العنان مما يجعل من الصعب على العقل بعد ذلك قيادتها والتحكم في خط سيرها.
وما أحوجنا في هذه الأيام الصعبة إلى عيش هذا الزمن بجدية، فإذا ما فُرضت علينا الشدائد والصعاب عنوة فالمفروض أن نروض أنفسنا على تحملها ومواجهتها وتجاوزها بقوة النفس وبقدرة الله، وندعو إلى الصوم عن الحقد والكراهية كما ندعو الجميع للإفطار على مائدة المحبة والتسامح.
تهاني صقر