نقيب الفنانين التشكيليين الدكتور “حيدر يازجي”…
المزاجية مفتعلة وأهم الفنانين العالميين طبيعيين
ريشة الفنان “حيدر يازجي” لها نمط خاص، فهو يبدع في رسم الأشخاص بمقاساتهم الحقيقية أو القريبة من الحقيقة ليعطي انطباعاً للمشاهد أنه أمام شخص كبير بفنه وإبداعاته، فلو نظرنا إلى لوحاته نرى أن التفاصيل الصغيرة تتجسد بعبقرية عفوية وبإحساس أن الأشخاص يتحركون بفعل النسيم اللطيف الذي ينفح من أثواب المرسومين….
– أنت نقيب الفنانين التشكيليين منذ عام “2000” ماذا أضافت لك تلك الصفة؟
العمل الإداري بشكل عام قاتل للإبداع، وأنا أشعر أنّ النقابة لم تعطني أكثر مما أستحق، فقد تفرغت كثيراً لهذا العمل لأنني أحبه، فقبل أن أكون نقيباً للفنانين استلمت منصب”رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية” لمدة ثمان سنوات، فكانت المسؤولية كبيرة جداً، وقد أحببت موضوع التدريس لذلك تميزت وأبدعت في هذا المجال، وخلال فترة رئاستي للإتحاد استلمت منصب “نقيب الفنانين التشكيلين”.
ما هي المشكلات التي تلمسها في النقابة وتحاول حلّها؟
منذ السنة الأولى التي عينت فيها “نقيب للفنانين” كان هاجسي الأول وضع قانون خاص لنقابة الفنون الجميلة، وقد عملنا بجد إلى أن صدر “قانون الفنانين التشكيليين”، ووسعنا الدائرة وأصبح “اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية”، وحلمنا إنشاء جامعة لكل اختصاص “كالرسم والديكور والنحت والحفر”، كما عملنا على إصدار مجموعة من القوانين وأهمها “قانون التقاعد” وإنشاء “صندوق” لمساعدة الفنانين التشكيليين ودعمهم.
– أنت فنان متعدد المواهب فقد حصلت على امتياز شرف في الديكور والإخراج الفني للأفلام، وأنت أستاذ في الجامعة وحاصل على دكتوراه فلسفة العلوم الفنية، كيف تستطيع بيد واحدة حمل كل تلك المواهب؟
أنا من خريجي الدفعة الأولى من معهد الفنون التشكيلة في حلب ضمن اختصاص “رسم”، ثم درست في جامعة دمشق، وبعد تخرجي من كلية الفنون الجميلة تم ترشيحي للبعثة، كانت لدي الفرصة لدراسة أكثر من اختصاص وكنت أعمل ما بين “15 إلى 17” ساعة يومياً، وحصلت على ماجستير في “إخراج الديكور السينمائي والتلفزيوني” وبنفس الوقت ماجستير في “التصوير الزيتي”، وكنت من محبي كلية الرسوم المتحركة لذلك كانت أطروحة الدكتوراه “وضع أول قوانين حركة لأفلام الكرتون”، ووضعت سلسلة كيف يمكن أن تحرك الأجسام، وقد اعتمدت هذه الأطروحة ككتاب يدّرس في معهد السينما على اعتباره أول كتاب يشمل جميع قوانين الحركة للرسوم المتحركة.
أين تجد نفسك الآن؟
في الرسم والتصوير الزيتي، فهو الاختصاص الأحب إلى قلبي، فالفنان عندما يرسم “بورتريه” فهو يحمل توقيعه وأفكاره ويبقى اسمه خالداً عليه، كما أنني عندما عملت في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون قمت بتأسيس أول استديو لأفلام الرسوم المتحركة، وتمكنت من تدريس هذا الاختصاص في الجامعة لمجموعة من الشباب الذين أبدعوا في هذا المجال.
– الفنان لا يملك القدرة في تحديد أيَّ لوحة من لوحاته هي الأفضل لأنها مع الزمن ترتبط بالناس، في رأيك أيّ معرض لك حقق نجاحاً أكثر من غيره؟
يمكن القول أنّ في حياتي نقاطاً أساسية تبدأ من مرحلة التكوين في معهد الفنون التشكيلية في حلب وفترة وجودي في موسكو التي أعتبرها فترة انتقال من مرحلة الهواية إلى مرحلة الاحتراف والتمييز، وكنت أحاول ملاحظة ودراسة أعمال أعظم الفنانين العالميين والاستفادة منهم، وخلال وجودي في موسكو قدمت حوالي “12” معرضاً، وعندما عدت إلى سورية أقمت أول معرض عرض فيه حوالي “600” عمل وهو نتاج أعمالي في موسكو.
– في لوحاتك إحساس بالحركة، فأنت تهتم بالتفاصيل الصغيرة، وأحياناً تلك الحساسية تقارب العاطفة، هل ترسم أحاسيسك الداخلية أم أنها مجرد “بورتريه” عادي لأشخاص تحبهم؟
الرسام عندما يرسم أي لوحة لابد أن تحرضه مشاعر من الداخل تربطه بهذه اللوحة، “فالبورتريه” ليس مجرد صورة فوتوغراف وإنما تعكس قصة أو حدثاً غير جامد وعلى الفنان الدخول إلى العالم الداخلي الذي يعكس هذه الأبعاد على الوجه أو الجسم أو حركة الأيدي “للبورتريه”.
– هل تتسم بمزاجية معينة، أي أنك لا ترسم في كل الأوقات؟
الظروف أحياناً لا تكون ملائمة للرسم، ولكن في كل لحظة أخزن الملاحظات وأضع الأفكار لأنفذها فيما بعد، وبرأي أنّ المزاجية هي مفتعلة وأنا شخص طبيعي وواقعي سواءً في حياتي أو عملي الفني، وأهم الفنانين العالميين هم طبيعيون في حياتهم.
– كيف تجد هذا “الجيل الجديد” واهتمامه بالرسم؟ هل هو أفضل مما كان أم ينقصه أشياء كثيرة؟
هناك شيء مميز في سورية لا نجده في معظم الدول، وهو انتشار العديد من الأماكن في كل أنحاء البلد لتعليم الرسم للأطفال ومن قبل مدرسين محترفين، مما يساعد على تنشئة جيل مبدع إضافة إلى اهتمام الدولة التي تتيح التدريس في مراكز الفنون التشكيلية وبأسعار رمزية، وبالتالي فقد توفرت للجيل الجديد معاهد وكليات ودعم من قِبَل الدولة والأهل الذين يشجعون أبناءهم على الفن، وأيضاً حركة الإفادة التي قامت بها الدولة بإرسال بعثات إلى الخارج، إضافة إلى أننا في النقابة كنا نقيم معارض سنوية لتشجيع الشباب على عرض أعمالهم الفنية.
– تقنية الألوان تناسب الموضوع وكأنك لا تحب الألوان النارية أو الصاخبة بل أنك تحب الهدوء في توظيف كل لون مكانه، كيف ذلك؟
أنا أحب التناغم اللوني في العمل الفني بشكل يخدم الموضوع الذي يفرض ألوانه وتكوينه وحركته، وأنا دون شك أحب الألوان الهادئة والتي تشكل تناغم ينعكس على حياتنا اليومية.
– تعتمد في تحديد المعالم الدقيقة في رسوماتك من تفاصيل الوجه واليدين و”العكاز” وغيرها، لكن في نفحات من الحزن؟ لماذا الأشخاص حزينين؟
دائماً تعبير الحزن أبلغ من تعبير الفرح، وأحب أن يعكس العمل الفني مسحة الحزن والكآبة وحتى أثناء التفكير والتأمل تظهر على وجه الإنسان علامات الحزن، فمسحة الحزن هي “كاركتر” للإنسان ويعكسها الفنان من خلال الوجه والعين والحركات، وأنا أفضل أن استخدم اليد للتعبير لأنه في اليد يوجد تفكير وتعبير لا يقل عن وجه الإنسان.
– الفنان يعيش ويسعى إلى أحلامه فما هي أحلامك المستقبلية؟
كان جزء من أحلامي أن أقدم أعمالاً عن النضال واستطعت أن أحقق جزءاً منها عندما قمت برسم لوحة عن “بانوراما حرب تشرين التحريرية”، وكانت لوحة جميلة نالت إعجاب الكثيرين وطبع منها بالآلاف.
كلمة أخيرة للمجلة؟
مواضيعها جميلة ومتشعبة، فهي تشمل أبواباً عديدة اجتماعية، أدبية، ثقافية…الخ بشكل يمكّنها من مخاطبة جميع الأعمار والفئات، كما تتميز بانتقاء المواضيع وأيضاً نوعية الطباعة والألوان، أقول مبروك وآمل لكم الاستمرار والنجاح.
دانيا جانو