واقعة الإكراه بالتنازل عن حصة في المنشأة وقعت في مكان عام
تشكل خلافات الشركاء في منشأة معينة عبئاً كبيراً، فهي في معظم الأحيان تحد من مواصلة الحياة اليومية الطبيعية وتقلل من القدرة على المضي نحو تحقيق الأحلام، لكن الأيام مليئة بالمطبات خاصة عندما لا يصون الشخص الأمانة التي هي خلق أصيل وأساسي، يقول الرسول الكريم “ص” (آية المنافقين ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان)، وها هي قصة مجموعة من الشركاء لمنشأة سياحية تقدر قيمتها بـ “120” مليون ليرة سورية فقد نشب خلاف بين شركاء المنشأة وبين السيد “صلاح” المدير العام والذي لم يتوانى عن سرقة من ائتمنه على ماله وذلك بمساعدة المحاسب فقد اكتشف أمره بعدما علموا أن أرباح المنشأة يعود القسم الأكبر منها إلى جيوب “صلاح” ولم يكن يدري أن المحاسب كان يراقب كل شيء وفي دماغه موّالاً سيصدح به ذات يوم، فقد كان يراقب “صلاح” ويعرف عنه كل شيء حتى “الغش” في الحسابات كان على دراية به، بدأ يفكر كيف يقتنص الفرصة ويفضح السيد “صلاح” أمام شركائه، لذلك ذهب لعندهم وقدم كل الأوراق التي تدين السيد “صلاح” مقابل مبلغ مالي كبير يخلصه من عوزه وفقره! ثم اتفق مع الشركاء على خطة تخلصهم من الشريك “صلاح” وذلك بإيجاد شخص له نفوذ في البلد وإمكانيات ممكن أن تزجّ السيد “صلاح” داخل قضبان السجن، لذلك وتحت التهديد وقّع السيد “صلاح” تنازلاً عن حصته في المنشأة والتي تبلغ قيمتها أكثر من خمسة وثلاثين مليون “ل.س” بما فيه “الفروغ” وكان هذا التوقيع بالتنازل قد حدث في مطعم من مطاعم دمشق وأمام جميع الحاضرين حتى لا يفكر السيد “صلاح” برفع دعوى “إكراه” أو الادعاء بأنه قد وقع التنازل مجبراً وتحت تهديد السلاح أو ما شابه ذلك.
إن قانون العقوبات قد نص المادة “347” وهو ((من أخذ أو التمس أجراً غير واجب أو قبل الوعد به سواءً أكان لنفسه أو لغيره بقصد إنالة الآخرين أو السعي لإنالتهم وظيفة أو عملاً أو مقاولات أو مشاريع أو أرباحاً غيرها أو منحاً من الدولة أو إحدى الإدارات العامة بقصد التأثير في مسلك السلطات بأية طريقة كانت، عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة أقلها ضعفا قيمة ما أخذ أو قبل به)).
وقد نجحت الخطة لسببين: أولها: لأن السيد صلاح لم يلجأ إلى القانون خوفاً من افتضاح أمره بالسرقة والنصب والاحتيال، أما السبب الثاني: بخله الذي منعه من أن يستشير محام خوفاً من دفع الأتعاب وتكاليف القضية. بدأ السيد “صلاح” يفكر بالانتقام من الشركاء الذين أجبروه على فعل ذلك وسببوا بدماره.
لذلك لجأ إلى القضاء ورفع دعوى على شركائه ولكن ردت الدعوى ولم يكن لها جدوى حسب المادة “182” من القانون المدني التي تنص على ((كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحق له وجب عليه رده، على أنه لا محل للرد إذ كان من قام بالوفاء يعلم أنه غير ملزم بما دفعه، إلا أن يكون ناقص الأهلية أو يكون قد أكره))..
ومنذ أكثر من خمسة عشر عاماً إلى الآن مازال السيد “صلاح” يرفع دعاوى على شركائه، وتردّ دون فائدة!!